يرى المجلس الأعلى للحسابات بأنه وعلى الرغم من المجهودات المبذولة فإن
منظومة تكوين الأطر التعليمية، في وضعها الحالي، "لا تضمن اكتساب أطر هيئة
التدريس تأهيلا تربويا ومهنيا يكفل لهم التوفر على الكفايات والمؤهلات اللازمة
لممارسة مهنة التدريس باعتبارها عاملا حاسما للارتقاء بجودة التربية والتكوين".
وأفاد المجلس، في تقريره لسنة 2021، بأن الوضعية القانونية والتنظيمية
الراهنة للمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين يكتنفها الغموض منذ سنة 2012، في
ما يتعلق بمسألة التبعية للأكاديميات أو الوزارة، مما انكعس سلبا على أداء هذه
المراكز بصفة عامة وجودة التكوين بصفة خاصة.
وتعليقا على هذا المعطى، أشارت وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي
والرياضة، إلى أن أحكام القانون القاضي بإحداث الأكاديميات الجهوية للتربية
والتعليم، هي التي يجب أن تعتمد أولا في تأطير علاقة المراكز الجهوية بالأكاديميات
الجهوية، مبرزة أن المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي أدلى برأيه بخصوص
مشروع القانون التعديلي للقانون السالف الذكر، حيث اقترح فيه ضرورة الربط الواضح
بين هذه المراكز والأكاديميات الجهوية.
وبخصوص مدة التكوين الأساس، سجّل تقرير المجلس أنها تميزت بعدم الاستقرار
طيلة الفترة من 2012 إلى 2021، حيث كانت محددة في سنة واحدة ما بين 2012 و2016، ثم
تم خفضها إلى أقل من سنة ما بين 2016 و2017، لترتفع مدة التكوين إلى سنتين ابتداء
من 2018، كما أن المدة الفعلية للتكوين تختلف من مركز لآخر، وأحيانا لا يتلقى
المتدربون ببعض المراكز أي تكوين خلال السنة التكوينية الثانية.
وأبرز التقرير أن برنامج التكوين الأساس يتميز بعدم التوازن من حيث الغلاف
الزمني المخصص للتكوين النظري والتطبيقي خلال السنة الأولى، كما لاحظ المجلس أن
عددا من المتدربين لا يستفيدون من التداريب الميدانية، مما لا يسمح للأساتذة المتدربين
بالاستئناس بالوسط المهني واكتساب الكفايات المهنية التي تؤهله لتحمل مسؤولية
القسم.
وفي ما يخص برمجة التداريب الميدانية، أشار التقرير إلى أن أزيد من 91
بالمائة من المراكز الجهوية تواجه صعوبات عند توزيع المتدربين على المؤسسات
التعليمية التطبيقية خلال السنة التكوينية الأولى، ومن أهمها ضعف انخراط هذه
المؤسسات ورفض استقبال المتدربين في بعض الأحيان، من طرف الأساتذة المستقبلين
ومديري المؤسسات التعليمية، إضافة إلى البعد الجغرافي.
وبالنسبة لمستوى التكوين المستمر، سجل التقرير أنه حظي، منذ الميثاق
الوطني، بعناية خاصة من أجل الرفع من قدرات أطر هيئة التدريس، وذلك من خلال
اتخاذ مجموعة من التدابير لتطويره، إلا أن تنزيلها واجهته عدة إكراهات جعلت
النتائج المحققة لا ترقى إلى حجم التطلعات، وذلك بسبب التأخر في اعتماد
الاستراتيجية الوطنية للتكوين المستمر والشروع في تنزيلها، كما أن التكوينات التي
استفاد منها أطر هيئة التدريس، قبل اعتماد هذه الاستراتيجية، كانت تنبني على
تحديد دقيق لحاجيات التكوين.
وفي هذا السياق، أشارت الوزارة الوصية إلى أن مشروع مقرر وزاري في شأن
تحديد شروط ومعايير انتقاء الموظفين الذين يعهد لهم القيام بمهام التدريس بالمراكز
الجهوية لمهن التربية والتكوين قد تم إعداده.
ولمعالجة مختلف النقائص المشار إليها، أوصى المجلس الأعلى للحسابات في
تقريره بالعمل على تأكيد وضعية المراكز الجهوية باعتبارها مؤسسات مستقلة لتتمكن من
القيام بمهام التكوين الأساس والتكوين المستمر والبحث التربوي لفائدة الأكاديميات
الجهوية للتربية والتكوين.
وأوصى المجلس بالعمل على تجويد المسار التكويني لهيئة التدريس عبر تشجيع
الإقبال على مسالك مهن التربية والتكوين بهدف استقطاب أساتذة مؤهلين لتولي مهمة
التدريس، ومن جهة أخرى، بضمان احترام وتوحيد مسار التكوين المخصص للمتدربين والعمل
على الرفع من التأطير التربوي للمتدربين.
وبالإضافة إلى ذلك، حث المجلس أيضا على الأخذ بعين الاعتبار الحاجيات
الحقيقة للتكوين المستمر لتشجيع الإقبال عليه، وإدراجه ضمن عناصر تقييم الأداء
والترقي المهني.
تعليقات
إرسال تعليق